إن لإبداعات القلم طُرق كثيرة في رسم كل الأحداث المحيطة بنا بأكثر الكلمات تنمقًا وسلاسة، لذا فإن الصحافة تُعد من أكثر المهن الحُرة والتي تساعد صاحبها على عرض كل الأحداث حوله بجرة قلم حيادية. ولأن الصحافة لا تقتصر بشكل خاص على اتجاه معين، كان لابد من وجود اتجاه خاص بالعلوم والأحداث العلمية حول العالم، والتي تتمثل في “الصحافة العلمية”. لذا سنأخذكم في رحلة قصيرة، مبنية على تجربتي العملية في الصحافة العلمية
محتويات
1- ما هي الصحافة العلمية ؟!
هي الصحافة التي تعمل على نقل المعرفة العلمية، وتغطية الأحداث العلمية حول العالم، والتي تُهم القارئ العلمي، كما أنها تهتم بتبسيط العلوم للقَارئ الغير متخصص في مجال العلوم، فهي تهتم بكل ما يخص المجتمع العلمي بكل أقسامه، بحاضره وماضيه وكذلك مستقبله.
2- أقسام الصحافة العلمية
- الصحافة العلمية المتخصصة: وهي المقالات والدوريات العلمية التي يُعدها متخصصين في العلوم، سواء كانوا علماء أو باحثين، وهي موجهة فقط لجمهور معين من الناس، وهم: الباحثين والعلمين.
- الصحافة العلمية الجماهيرية: وهي المقالات العلمية المُبسطة التي توجه إلى عامة الناس سواء كانوا متخصصين في المجال العلمي أو غير متخصصين فيه.
3- أهميتها:
- الصحافة العلمية من أهم الوسائل التي تجعل الناس على متابعة بالمُستجدات العلمية في العالم.
- كما أنها حلقة الوصل بين العلماء والباحثين وبين الجماهير العامة.
- تبسيط العلوم لغير المتخصصين بها، وجعلهم على دراية متجددة بكل الأحداث والاكتشافات العلمية الحديثة.
- توفير قاعدة علمية ومعرفية يسهل على القُراء المبتدئين الوصول إليها.
4- أنواعها:
تغطية الخبر العلمي:
- وهو نقل دراسة جديدة / حدث علمي خاص، حجم الخبر يتراوح بين 500 : 800 كلمة، لأنه يتناول موضوعًا تناولًا إجمالًا وليس بالتفصيل.
- العناصر الأساسية في الخبر العلمي: لابد أن يجاوب الخبر عن مجموعة أسئلة نسميها قاعدة (4W & H)، وهي:
1- ماذا؟ (موضوع الخبر)
2- من؟ (صاحب الخبر/الاكتشاف/الدراسة)
3- متى؟ (ميعاد نشر الدراسة/ الحدث)
4- لماذا؟ (الهدف الرئيسي للدراسة/الحدث)
5- كيف؟ (طريقة تحقيق الهدف من الدراسة/الحدث)
كتابة الخبر:
- العنوان لابد أن يكون مشوق، يخطف الأنظار، ولا يزيد عن 7 كلمات.
- المقدمة لابد أن تكون جذابة ومشوقة، تنتقل سريعًا إلى صلب الموضوع، ولا تنس أنها تجاوب عن الأربع أسئلة التي اتفقنا عليها.
- أثناء كتابة الخبر العلمي لابد مراعاة الآتي: لابد من ذكر مقتطف من كلام الباحث أو صاحب الحدث/الدراسة، ذكر الدراسات السابقة عن الموضوع/ أنها أول دراسة في الموضوع، تعليقات الباحثين والعلماء مهمة جدًا لاكتمال الخبر العلمي.
- نأتي الآن للخاتمة فإما أنك تنهي المقال بخاتمة مغلقة أهم المعلومات والمصادر المختلفة، أو تجعلها نهاية مفتوحة بلغز أو سؤال يجعل القارئ يبحث عن الموضوع أكثر من ذلك.
كتابة المقالات العلمية:
المقال العلمي هو أحد وسائل نشر المعرفة العلمية، وأسهلها للقارئ، فالمقال العلمي يختلف عن المقالات الأدبية من ناحية المحتوى، وطريقة الكتابة والعرض، لذا لابد أن يتسم بعدة شروط، أهمها:
- تجنب الحشو، والمُبالغة في البلاغيات، فَالمقالات العلمية هدفها الأساسي السهولة والاختصار والبساطة.
- عند الترجمة لابد من مُراعاة تكرار المعاني في اللغة الإنجليزية بأكثر من طريقة، ومحاولة اختصار المعاني المكررة بجملة واضحة باللغة العربية، مع مراعاة فارق الترجمة، واختلاف المعاني.
- تجنب نهائيًا الترجمة الحرفية، وترجمة المصطلحات العلمية الغير مُعربة في اللغة العربية، حتى لا تُفسد معنى المصطلح العلمي، انقله كما هو باللغة الإنجليزية حتى وإن كان له بديل في العربية اذكره لكن لابد من ذكر المعنى الأصلي.
- لا تذكر معلومة ولا صورة واحدة بدون مصدرها الأصلي، فالعلوم تعتمد اعتمادًا كليًا على المصدر الأصلي للمعلومة ومدى صحته.
- تجنب مصادر المعلومات الغير موثوقة، كـ ويكيبيديا، حاول البحث في المجلات العلمية المشهورة.
- لا تنس المقال العلمي مثل باقي المقالات في الأساسيات، العنوان المميز، المقدمة الشيقة، المتن العلمي السهل المُبسط، والخاتمة الجيدة، مع ذكر المصادر جميعها.
5- أمور عليك تجنبها في الإعلام العلمي
الإعلام العلمي هو إعلام حر لحد كبير، لكنه مُقيد بعدة أمور لابد عليك من الحذر من الوقوع في مضاداتها:
- إن صدر لك بيان صحفي سريع عن حدث/دراسة/بحث علمي جديد، لا تقدم تغطيتك العلمية لهذا الحدث بنفس طريقة البيان الصحفي.
- تذكر دومًا أنك صحفي علمي، والذي لابد أن يتسم بالحيادية التامة، لذا لا تحاول إرضاء من تكتب عنهم أو بلسانهم، فأنت تعرض أراءً علميًا، والمجتمع العلمي مجتمع قابل للخطأ بنفس نسبة قبوله للصواب، فكن حذرًا من الوقوع في مصيدة العنصرية التامة لنظرية ما لم يتم التحقق منها أو حتى تم التحقق منها ولازال لها جوانب مشكوك فيها.
- عند كتابتك عن دراسة ما، حاول الحصول على آراء الباحثين فيها، وآراء الباحثين الذين يملكون رأيًا علميا مضادًا، بشرط أن تكون حجتهم حجة علمية مثبتة بدلائل، فإن الحيادية تتطلب منك عرض الرأي والرأي الأخر حتى في المجتمع العلمي ولكن مع ذكر الدلائل والوثائق العلمية المثبتة.
- ضع الكلام في سياقه الصحيح، لا تبالغ في تضخيم ما تم اكتشافه بالقدر الذي يوهم القارئ أنك أحد المؤيدين لذالك، كما قلنا مهنة الصحافة مهنة حيادية لابد أن تنظر فيها بعين الناقد نقدًا بناءً وليس هوى شخصي.
- إن كنت تقوم بلقاءٍ صحفي مع عالم أو صاحب دراسة ما لا تخجل في أن تخبره أنك لا تفهم، لأن ما تكتبه سيصل للجمهور، فلابد أن تعي ما تكتب كي تقدر على تبسيطه لجمهورك.

6- أهداف الصحافة العلمية
- تتجاوز مهمة الصحافة العلمية من تبسيط العلوم إلى مهمة نشر الوعي العلمي ومدى تأثير العلم وارتباطه بالحياة اليومية، ووضع الفرد في دائرة أحداث علمية، بل وفهمها ومعرفة أسبابها.
- تساعد الصحافة العلمية في وضع قاعدة للقَارئ تُمكنه من تحديد موقفه ومدى موافقته أو اعتراضه على ما يقرأ بالدلائل العلمية.
- هي حلقة الوصل بين الأفراد والعلماء والباحثين، حيث تجعل المجتمع على مَرْأَى ومسمع بكل نشاطات الباحثين والعلماء وما توصل إليه الآخيران في عملهم وبحوثهم.
- أصبحت الصحافة العلمية من أهم وأكثر المصادر العلمية الموثوقة، وذلك لأن ما يُنشر فيها ومن خلالها يكون قد مر بعدة مراحل من التنقيح والمراجعة والتدقيق العلمي واللغوي.
- تُمثل حملة توعية للمُجتمع بأهمية العلم والقضايا العلمية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا وتارةً ارتباطًا غير مباشر بالقضايا المجتمعية.
7- الصحافة العلمية في مِصر
بدأت الصحافة العلمية في أوروبا أثناء الثورة الصناعية، كانت البداية من الكتابة في الفلك وجعل مفاهيمه مُبسطة للجمهور والقُراء البُسطاء.
ولقد انتشرت الصحافة العلمية في مصر في التسعينات ولكنها تراجعت مع بداية عام 2000م، ولكن انتشرت الفترة الأخيرة مع بداية عام 2017م محاولات كثيرة لإعادة الصحافة العلمية وإن كانت معظم هذه المحاولات تقتصر فقط على المواقع الإلكترونية، وقلة من الصحف التي تنشر أخبارًا علمية بدون التحقق منها ولا من مصادرها بشكل فوضويّ، لذا فكثير من الكُتاب العلمين يحاولون إعادة إحياء الصحافة العلمية مرة أخرى بهدف زيادة الوعي العلمي في المجتمع المصري والذي تُسيطر كثير من الخرافات على عقله.
8- مصادر هامة لتتعلم الكتابة العلمية
- الدورة الإنترنتية حول الصحافة العلمية: وهي دورة جامعة مانعة شاملة لكل جوانب الصحافة العلمية.
- التواصل العلمي: وهو أحد الكورسات التي يُقدمها موقع كورسيرا، في تعلم طريقة التواصل مع الناس، وتبسيط المعلومات لهم سواء كنت إعلاميًا أم قائدًا في مجتمعك.
- أهم القواعد في اللغة العربية: وهي دورة هامة لتتعلم كيفية الكتابة الصحيحة وتنسيق التعابير بدون الإخلال بالمعاني.
- مدخل إلى الصحافة الاستقصائية: وهو دورة في مجال الصحافة الاستقصائية ولكنها ستعلمك كيفية نقل الأخبار والتحقق منها بشكل موثوق، وكيف تصبح حياديًا في تحقيقك؟
كانت تلك مقدمة في الصحافة العلمية لذا حاولوا البدء فقط بتبسيط المعلومات وكأنكم تخاطبون طفلًا صغيرًا، حاولوا قراءة بعض المقالات العلمية في المواقع العربية واستنتاج طريقة العرض والتقديم فيها، هذا سيزيد من خبرتكم أكثر، واكتساب دقة ملاحظة أكبر.
هنا تنتهي رحلتنا في الصحافة العلمية، إن كُنت ترى في نفسك الموهبة على تطبيق ما تعلمته، وكنت تستطيع الكتابة العلمية وتبسيط العلوم يُمكنك الانضمام إلى فريق كُتاب محتوى موقع محاضرات وكورسات، أرسل لنا مقال علمي واحد من خلال رسائل صفحتنا على فيسبوك.
المصادر
- الصحفي العلمي معتصم البارودي
- الدورة الإنترنتية حول الصحافة العلمية.
- فن المقالة. د. آمال ضرار
كلام جميل ولكن مجال الصحافة عموما ملوث بالمحسوبيات والمصالح