في حالة وجود خطأ ما في ورقة بحثية منشورة في مجلة مُحكّمة يتم نشر تصحيح لهذه الورقة في ورقة أخرى في صورة (Corrigendum) وفي هذه الحالة يكون أحد المؤلفين هو المُتسبب في الخطأ؛ أو في صورة (Erratum) وهنا يكون الناشر هو المُتسبب في الخطأ! ولكن هناك أخطاء كارثية تقدح في سمعة المجلة وهنا يتوجب على هيئة التحرير (Editorial board) إجراء تحقيق حول الورقة للتأكد من هذا الخطأ وحينها تتحول إلى “Retracted paper” بما يعني سحب هذا البحث من المجلة!
في المعتاد تمر الأوراق البحثية بمرحلة مراجعة وتقييم للمحتوى المعروض بها في عملية تُعرف بـ مراجعة الأقران أو النظراء (Peer Review)؛ ولكن قد يتم اكتشاف أخطاء في مرحلة ما بعد النشر! إذا كانت هذه الأخطاء بسيطة كتصحيح في أسماء المؤلفين أو عناوين المراسلات على سبيل المثال، هنا يتم نشر التصحيح في ورقة أخرى مُلحقة بالورقة الأصلية!
بعض الأخطاء قد تكون جسيمة بما يتيح للمجلة سحب هذا البحث فيما يُعرف بـ (Retraction) وهو نظام مُتبع في الأوساط الأكاديمية – حتى في الدوريات العلمية الكبيرة – وهو بمثابة طريقة لتنبيه القراء حول مصداقية هذه الدراسة! ينبغي على الباحثين والمؤلفين أن يضعوا في اعتبارهم أن الهدف من هذه المرحلة لا يعني بالضرورة معاقبة المؤلفين على أخطائهم، ولكن الهدف الأساسي هو الحفاظ على مصداقية العلم.
أسباب سحب الورقة البحثية
وفقاً للجنة الدولية لأخلاقيات النشر (COPE: The Committee on Publication Ethics) فهناك عدة أسباب قد تدفع مجلس التحرير بالمجلة لاتخاذ هذا القرار؛ ولا يشترط اجتماع كل هذه الأسباب معاً؛ ممكن بعضها أو كلها وهي:
- وجود أدلة واضحة على أن النتائج غير موثوقة، قد يكون لسوء سلوك المؤلف (على سبيل المثال ، اختلاق أو فبركة البيانات)
- سبق نشر النتائج في أوراق بحثية أخرى
- السرقة الأدبية
- تقديم البحث إلى عدة مجلات في نفس الوقت
في بعض الأحيان، لا تقدم بعض المجلات أسباب واضحة لعملية سحب ورقة بحثية ما؛ لأنها تخشى فقدان سمعتها لأن القراء قد يشككون في عملية مراجعة النظراء. ولمعالجة هذه المشكلة، يقترح إيفان أورانسكي (Ivan Oransky) المؤسس المشارك لمدونة (Retraction Watch) وضع “مؤشر شفافية” (transparency index) للمجلات الأكاديمية، لترتيبها وفق معايير محددة مثل وضوح الإشعارات الخاصة بسحب الأوراق! سيساعد هذا المؤشر الكثير من الناس على فهم سبب فشل بعض الأوراق في إثبات مصداقية أبحاثهم. ومع ذلك، تبقى المشكلة قائمة في بعض الحالات التي يطلب فيها المؤلف بنفسه سحب ورقته البحثية لأسباب غير معروفة!

كيفية نشر Retracted paper
في معظم الأحيان، يتم تنبيه محرري المجلة إلى أخطاء في بعض الأوراق البحثية المنشورة والتي يقومون بعد ذلك بالتحقيق فيها. إذا تم اكتشاف أي مشكلة تخص سوء السلوك للمؤلفين، يتم إصدار إشعار سحب (Retraction notice). ووفقًا لـ COPE، يجب أن يُفسر هذا الإشعار سبب سحب الورقة البحثية ويتضمن كذلك إشارة استشهاد كاملة لرابط البحث المنشور. يجب أن تبقى المقالات التي تم سحبها مُتاحة للمشاع وأن يتم تصنيفها بوضوح على أنها (Retracted paper). وينصح COPE أيضًا بأنه يجب على إشعار السحب أن يشمل الآتي:
- أن يكون مرتبط بالمقالة التي تم سحبها (من خلال رابط إلكتروني)
- يُحدد بوضوح البحث الذي تم سحبه (على سبيل المثال: عن طريق ذكر المؤلفين، والعنوان)
- أن يتم تحديده بوضوح على أنه سحب للبحث “Retraction” (أي أنه يختلف عن باقي الأشكال الأخرى من التصحيحات للأوراق البحثية)
- أن يُنشر بشكل فوري وسريع لتقليل الآثار المترتبة جرّاء الاعتماد على هذه الدراسة
- أن يكون مُتاح للجميع بشكل مجاني (على سبيل المثال: ليس مقتصر على المشتركين في المجلة فقط!)
- أن يذكر أسباب سحب البحث بوضوح وتحديدها سواء كانت متعلقة بأخطاء في البيانات، أو متعلقة بمسألة النزاهة الأكاديمية للمؤلفين
- ألا يحمل أية عبارات تحمل نوع من التجريح أو التشهير
عملية سحب الأوراق البحثية هو أمر لا مفر منه في مجال النشر الأكاديمي ولهذا ينبغي على كل مؤلف أو باحث أن يكون على بيّنة من آثاره واتخاذ الخطوات اللازمة لتجنب تلك الآثار.
المصادر: 1 –