مراجعة الأقران (Peer Review) والتي يُطلق عليها أحياناً “مراجعة النظراء” أو “استعراض النظراء” هي مرحلة أساسية في النشر الأكاديمي وتعتبر من الآليات الضرورية لمراقبة الجودة.
محتويات
ما معنى Peer Review ؟
يقوم مجموعة من الخبراء والمتخصصين (Peer Reviewers) بتقييم الأوراق البحثية وتحكيمها والهدف هو ضمان جودة المُحتوى المنشور في المجلات العلمية؛ وعلى الرغم من ذلك فإن المراجعين النظراء لا يتخذون قرار بقبول أو رفض أية ورقة بحثية!
على الأرجح يكون رأيهم عبارة عن توصية إما بالنشر أو بعدم النشر؛ في المجلات التي تخضع لاستعراض النظراء (Peer Reviewed Journals) فإن قرار قبول أو رفض الورقة البحثية هو مسؤلية محرري المجلة (Editors) أو مجلس التحرير (Editorial Board).
ما معنى Peer Reviewed Journal ؟
هي المجلات العلمية التي تخضع لنظام مراجعة الأقران للتوصية بنشر البحث أو بعدم نشره.
كيف بدأت مراجعة الأقران؟
في وقت سابق، كان يتم فحص الأوراق البحثية المُقدمة للمجلات من قبل المحررين. مع الزيادة في التخصصات والشعب العلمية بالإضافة لزيادة عدد الأوراق، ظهرت الحاجة الماسّة لإشراك خبراء في مجال موضوع البحث لمراجعته قبل اتخاذ قرار نهائي بشأنه.
يجب على المؤلفين أن يعرفوا أن المُراجعين النظراء يقومون فقط بتقييم جودة البحث بشكل نقدي ويوصوا بالتغييرات والتصحيحات المطلوبة بناءً على فهمهم؛ لذا فإن القرار النهائي بقبول أو رفض المخطوطة (Manuscript) يقع على عاتق محرر المجلة.
ملحوظة: عادة ما يُطلق على الورقة البحثية في المرحلة الأولية أي مرحلة ما قبل النشر مصطلح (Manuscript) ؛ أمّا مصطلح (Research paper) أو (Research article) فيُطلق عليها في أية مرحلة بشكل عام.
كيف يتم اتخاذ قرار النشر بالمجلة؟
عادةً بعد تقديم البحث إلى إحدى المجلات، يقوم فريق التحرير بالمجلة بفحص البحث ويقرر ما إذا كان سيرسلها لمراجعة كاملة مِن قبل النظراء أم لا.
بعد إجراء الفحص الأولي للبحث يتم إرساله إلى واحد أو أكثر من المراجعين النظراء. بعد إنهاء مرحلة مراجعة الأقران يبدأ محررو المجلة أو مجلس التحرير – وبعد أخذ تقارير المُراجعين في الاعتبار – باتخاذ قرار نهائي نهائي بشأن البحث إما بقبوله أو برفضه!

الفحص الأولي (Initial Screening)
يتم إرسال ما يقرب من 3 مليون ورقة بحثية إلى المجلات كل عام؛ نظرًا للحجم الكبير من عمليات التقديم، فإن المزيد والمزيد من المجلات تتبع سياسة فحص الرسائل العلمية قبل إرسالها لمراجعة كاملة من النظراء. أثناء الفحص الأولي، يقوم محررو المجلات بشكل رئيسي بالتحقق مما يلي:
- هل الورقة البحثية تتناسب مع أهداف ونطاق المجلة؟ وهل سوف تكون محل اهتمام من القراء؟
- هل المحتوى مكتوب ومنسق بشكل جيد ويستحق المُراجعة؟
- هل الورقة البحثية متوافقة مع معايير النشر بالمجلة؟
عادة ينظر محررو المجلات الأكاديمية إلى مئات الرسائل العلمية سنوياً! إحدى العناصر الأساسية التي يفحصها المحرر هو خطاب التقديم (Cover Letter)، من الضروري لمؤلف الرسالة العلمية أن يكتب خطاب التقديم بصورة تبرز أهمبة البحث وقوته؛ فهذا الأمر يوفر سبباً وجيهاً لجعل الرسالة مُناسبة للمجلة.
يتطرق محرر المجلة بعدها إلى ملخص الورقة البحثية (Abstract)؛ ثم يتفحص المقدمة، الصور، والجداول بشكل سريع لتحديد ما إذا كانت المخطوطة (Manuscript) تلبي الحد الأدنى المطلوب من الجودة أم لا.
ما هي أهمية الفحص الأولي؟
- إذا كانت الورقة البحثية تقع خارج نطاق المجلة فسوف تتعرض للرفض (Rejection) من قبل فريق التحرير مما يسمح للمؤلف الناشر (Author) بإرسال المخطوطة إلى مجلات أخرى حتى يتمكن من نشرها في أقرب وقت!
- الحفاظ على وقت المُراجعين النظراء وعدم إهداره في تقييم أوراق بحثية لا تفي بالحد الأدني من الجودة
اقرأ أيضاً: أفضل 5 دورات في البحث العلمي

ما هي أنواع مراجعة الأقران؟
بمجرد اجتياز البحث لمرحلة الفحص الأولي يتم إرساله بعدها إلى مرحلة التقييم والمراجعة؛ وهناك ثلاث أنواع من مراجعة الأقران وهي:
- فردية المجهولية (Single blind): لا يتم الكشف عن أسماء المراجعين للمؤلفين (يسمح إخفاء الهوية للمراجع بأن يكون صادقًا وأميناً دون الخوف من النقد من جهة المؤلف)
- ازداوجية المجهولية (Double blind): لا يتم الكشف عن أسماء المراجعين والمؤلفين لبعضهم البعض
- التحكيم المفتوح (Open peer): يتم الكشف عن أسماء المؤلفين والمراجعين لبعضهم البعض
بشكل عام يتم اختيار من 2 إلى 6 مراجعين نظراء وهم خبراء متخصصين في مجال البحث؛ عادةً ما تقوم المجلات ببناء مجموعة أو قائمة من المراجعين النظراء الذين لديهم سجل جيد في كتابة مراجعات ذات جودة عالية.
قد تقوم المجلة بعمل مسح لقائمة المصادر والمؤلفات الخاصة بعدد من المراجعين لتحديد الأشخاص المحتملين أو بالتواصل مع الباحثين الذين تم الالتقاء معهم في ندوات أو مؤتمرات علمية. سوف تطلب العديد من المجلات أولاً من المراجعين المحتملين ما إذا كانوا راغبين في مراجعة المخطوطة قبل تعيينهم كمراجعين.
تعطي بعض المجلات المؤلفين خيار التوصية بالمراجعين المفضلين وغير المفضلين. وهذا الأمر قد يكون جيداً بشكل نسبي إذا كان متاحًا لأنه يُمكن أن يعجّل عملية المراجعة، نظرًا لأنه يوفر وقت المجلة في البحث عن المراجعين.
علاوة على ذلك، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن المُراجعين النظراء المُوصى بهم من قبل المؤلف قد يتجهون للتوصية بقبول البحث في كثير من الأحيان من المراجعين الموصى بها قبل محرري المجلة!
ما هي المدة الزمنية لعملية مراجعة الأقران؟
تنتهي عملية مراجعة النظراء بمجرد إرسال جميع المُراجعين لتقرير مُفصل إلى المجلة؛ مع تعليقاتهم على المخطوطة وتوصياتهم. عادة، تطلب المجلات من المراجعين إتمام مراجعاتهم في غضون 3-4 أسابيع.
مع ذلك، يضع عدد قليل من المجلات آلية لتحديد موعد نهائي، وهذا هو السبب في أنه من الصعب التنبؤ بالمدة التي تستغرقها عملية مراجعة النظراء!
توصيات المراجعين
(1) Accept without any changes
تقوم المجلة بنشر البحث كما هو دون إجراء أية تغييرات تُذكر!
(2) Accept with minor revisions
تقوم المجلة بنشر الورقة وتطلب من المؤلف إجراء بعض التصحيحات الصغيرة
(3) Accept after major revisions
تقوم المجلة بنشر الورقة بشرط أن يقوم المؤلفون بإجراء التغييرات المقترحة من قبل المراجعين و / أو المحررين
(4) Revise and Resubmit – Conditional Rejection
المجلة مستعدة لإعادة النظر في الورقة البحثية مرة أخرى في قرار نشرها أم لا بعد إجراء تعديلات كبيرة وأساسية من المؤلفين وإعادة تقديمها
(5) Reject the paper – Outright Rejection
رفض نهائي للورقة البحثية؛ لن تقوم المجلة بنشرها أو إعادة النظر فيها حتى لو قام المؤلفون بإجراء تنقيحات كبيرة!

الخيار الأول (قبول دون أي تغييرات) أمر نادر الحدوث! عادةً ما يكون القرار الثاني (قبول بعد إجراء مراجعات ثانوية) هو أفضل نتيجة يجب أن يأملها المؤلفون. بمجرد رفض المجلة لورقة ما مباشرة (الخيار الخامس)، فلا ينبغي على المؤلفين إعادة تقديمها إلى نفس المجلة.
إذا أرادت المجلة إعادة النظر في البحث (الخيار الرابع)، فسوف تصدر رفضًا مشروطًا. أمّا الرفض التام فيعني أن المجلة تعتقد أن الورقة لن تفي بمعاييرها أو اهتماماتها حتى بعد إجراء أية تعديلات من قِبل المؤلف.
ذكر أحد المحررين الآتي:
بشكل عام، أقوم بتصنيف الأبحاث إلى ثلاثة أقسام: (1) عمل ممتاز يضيف إسهام وقيمة حقيقة؛ (2) عمل مقبول قد يضيف جديداً؛ (3) عمل غير جيد بالمرّة ولا يضيف أي شئ! بالنسبة للتصنيفات من النوع الأول والثالث فيتم التعامل معها بشكل سريع، أغلب المخطوطات تقع في التصنيف الثاني! حيث يحتاج هذا التصنيف المزيد من الوقت والمجهود قبل إتخاذ قرار بشأنها.
هل يتفق المراجعون والمحررون دائمًا على ما هو جدير بالنشر؟
تتباين سياسات اتخاذ القرارات الخاصة بمُحرري المجلة: فالبعض يرفض الورقة البحثية عندما يوصي أحد المراجعين النظراء بالرفض، والبعض عندما يوصي الأغلبية بالرفض، والبعض الآخر فقط عندما يوصي جميع المراجعين بالرفض!
من الشائع أن يُبدي المراجعين النظراء آراء متضاربة حول البحث؛ فالإجماع بينهم هو أمر نادر الحدوث! في حالات التعليقات المتضاربة (كأن يوصي مُراجع بقبول البحث؛ ويوصي آخر برفضه!) فقد يختار محرر المجلة إرسال البحث إلى مراجع ثالث قبل إتخاذ قرار النشر، وقد يضطر المؤلف إلى الانتظار لمدة أطول حتى تكتمل عملية مراجعة النظراء.
في الواقع، يميل المراجعون النظراء إلى التوصية بالقبول أكثر من الرفض وبالتالي، فقد ينتهي الأمر بمحرري المجلة في أحيان كثيرة برفض العديد من الأوراق التي أوصى بها المراجعون النشطاء فعليًا بالنشر من قبل محرري المجلة، وذلك استنادًا إلى قراراتهم وآرائهم الخاصة حول جدارة نشر المقالات.
يعتبر دور مراجعة الأقران هو مساعدة المؤلفين على تحسين أبحاثهم وليس إتخاذ قرار ما إذا كان ينبغي نشرها أم لا، والتي هي مسئولية محرر المجلة.
نظرًا لوجود عدد كبير من عمليات إرسال وتقديم الأورقات البحثية للمجلات المُحكّمة، غالبًا ما تضطر المجلات والدوريات العالمية ذات المستوى المتميز إلى رفض حتى المخطوطات عالية الجودة لأسباب مختلفة، مثل وجود عدد كبير من التقديمات (Submissions) أو عدم ملاءمتها لرؤية المحررين.
بينما يتفق المراجعون والمحررن بسهولة على الأبحاث التي لا تصلح للنشر، فإن تقرير ما هو جدير بالنشر هو تحدي أكثر صرامة! حيث يقوم محررو المجلات باتخاذ قرارات بقبول أو رفض الأوراق بناءً على رأيهم في جدارة نشر المقالات وتعليقات المراجعين.
ما هي المشاكل التي تواجه استعراض النظراء؟
- التأخر في الرد
- انحياز بعض المراجعين
- السرقة الأدبية (Plagiarism)
- تضارب المصالح (Conflicts of interest)
بالإضافة إلى ذلك ، وعلى الرغم من أن مراجعة الأقران لا تشمل أية تكلفة مادية أو تعاملات مالية، إلا أن هناك العديد من التكاليف غير المرئية التي ينطوي عليها، والتي تتعلق أساساً بالوقت الذي يقضيه المراجعون ومحرري المجلات. كما أن العديد من الأكاديميين لديهم وجهات نظر مختلفة حول إجراء مراجعة النظراء بشكل مجاني!
ماذا تفعل إذا تمت دعوتك لتحكيم ورقة بحثية ؟!
(1) الرد في أقرب وقت على المجلة: عندما تتلقى دعوة للمراجعة، عليك بفحص ملخص البحث جيداً لتحديد ما إذا كان في دائرة تخصصك وخبراتك أم لا! ثم الرد بشكل فوري على الرسالة إما بالقبول أو بالتنحي!
(2) كن أميناً: لا تُفصح عن محتويات البحث الذي تُراجعه لأي شخص وابقِ عليه سرياً! لأنه قد يحدث معك هذا الأمر حينما تقوم بنشر ورقة بحثية في مجلة مُحكّمة
(3) لا تخرج عن نطاق الموضوع: عند التعليق على أي جزئية في البحث فلا يجب أن تخرج عن موضوع البحث! وإذا واجهتك أية مشكلة فعليك بتصفح سياسات المجلة، متطلبات التقديم، والإرشادات الخاصة بالناشرين أو قم بالتواصل بشكل فوري مع محرر المجلة.