لا يوجد طريقة واحدة لتقليل مخاطر الإصابة بمرض سرطان الثدي سيدتي ولكن ننصحك بمجموعة من التوصيات التي قد تحدث فارقاً. بشكل ملحوظ في السنوات السابقة انخفض أعداد المصابين بسرطان الثدي وذلك بسبب الكشف المبكر بإستخدام تصوير الماموغرام (تصوير الثدي بالأشعة) لكننا لا ننكر أنه السرطان الأكثر شيوعاً بين النساء و الذي يأتي بعد سرطان الرئة.
فبجانب الإحصائيات، يحظى سرطان الثدي بالكثير من اهتماماتنا الصحية؛ فالمعظم منا قد عاصر المرض فمنا من أصيب به و منا من عاصره مع أحد الأقارب أو الأصدقاء، فهو يحدث بصورة عشوائية وبشكل مقلق ولا يوجد تفسير لما يختار سرطان الثدي أشخاصاً دون غيرهم؟!
ومع هذا فإن هناك عدة عوامل تساعدنا في معرفة نسبة إصابة أي شخص بالمرض مثل تاريخ العائلة المرضي فإذا كان يوجد في العائلة مصاب بالمرض مثل الأم، الجدة أو العمة فإن نسبة الإصابة به تزداد بشكل ملحوظ، وحدوث طفرات في الجينات تزيد من عوامل خطورة الإصابة به.
من ضمن هذه العوامل أيضاً، كبر السن (حيث واحدة من كل 48 سيدة عند سن الأربعين قد تصاب به في حين أن واحدة من كل 26 سيدة قد تصاب به في سن الستين) بالإضافة إلى البلوغ المبكر أو تأخر سن اليأس وأيضاً عدم الإنجاب أو الحمل في سن متأخرة بعد 35 سنة، يزيد من خطورة الإصابة بسرطان الثدي.
و قد أشار الباحثون أن هناك ارتباطاً بين العوامل الغذائية واحتمالية الإصابة بسرطان الثدي الا أنهم لم يسفروا عن أي استراتيجيات غذائية لتقليل الإصابة
فقد أقر المعهد الأمريكي لأبحاث السرطان (American Institute for Cancer Research) بأنه لا يوجد أدلة كافية للتوصية أو لمنع بعض الأغذية، فمثلاً لا يوجد دليل على أن تناول المزيد من الصويا أو تناول المكملات الغذائية من فيتامين E أو فيتامين C أو السلينيوم تقلل من خطر الإصابة.
وقد وجد الباحثون القليل من الأدلة للافتراض الشائع بأن الدهون الغذائية تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي، حتى الأدلة التي تثبت أن تناول الخضروات و الفاكهة يقينا من السرطان هي أضعف مما كان يعتقد.
و لكن تشير الأدلة إلى أنه يمكننا التقليل من خطر الإصابة من خلال بعض خيارات نمط الحياة الصحية مثل زيادة ممارسة الرياضة بالإضافة إلى بعض الإستراتيجيات الطبية المقترحة من خلال الدراسات السريرية
يوجد العديد من العوامل التي تؤثر على مخاطر الإصابة، ففي عام 1996 كانت كمية الأدوية المتوفرة أقل بكثير مما نحصل عليه الآن وكنا عندها يمكننا القول “لسوء الحظ، هناك القليل الذي يمكننا القيام به للحد من خطر الإصابة بسرطان الثدي”
ولكن الآن ومع زيادة عدد الأبحاث و الدراسات للحد من مخاطر سرطان الثدي، فلقد توصّل الباحثون إلى 6 عوامل رئيسية تزيد بشكل ملحوظ من خطر الإصابة وهي:
محتويات
(1) اكتساب الوزن (Weight gain)
حيث توضح العديد من الدراسات أن زيادة الوزن بعد انقطاع الطمث تزيد من خطورة الإصابة بسرطان الثدي، وقد وجدت دراسة أجرتها جمعية السرطان الأمريكية (American Cancer Society) أن النساء اللواتي اكتسبن من 10-15 كجم أثناء مرحلة البلوغ (أي بعد سن 18) كنا أكثر عرضة بنسبة 40% للإصابة بسرطان الثدي بعد انقطاع الطمث مقارنة بالنساء اللاتي لم يكتسبن أكثر من 3 كجم، فالرابط هو الإستروجين الذي يعزز تطور سرطان الثدي
حيث أظهرت بعض الدراسات أن الدهون المتراكمة في الجسم تلعب دوراً مهما في تغذية سرطان الثدي بجانب هرمون الاستروجين الذي يغذيه، و بالتالي زيادة كمية الدهون تعني تغذية أفضل للسرطان!
وقد خلصت دراسة لـ (Nurses’ Health Study) بأن زيادة الوزن منذ سن 18 أو منذ انقطاع الطمث يزيد من خطورة الإصابة بسرطان الثدي باستثناء أولئك النساء اللواتي يستخدمن العلاج الهرموني بعد انقطاع الطمث (في النساء اللائي يتناولن الهرمونات، يكون المصدر الخارجي للهرمونات أعلى بكثير مما يمكن أن يتم عن طريق دهون الجسم وبالتالي فإن الدهون لا تسهم في زيادة المخاطر و إنما الهرمونات الخارجية هي التي تسهم في زيادة نسبة الإصابة بسرطان الثدي).
كما وجد الباحثون أيضا أن فقدان 10 كجم أو أكثر بعد انقطاع الطمث يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
ماذا يفترض أن تفعلي سيدتي؟
افعلي كل ما بوسعك لتجنب اكتساب الوزن تحديداً عند اقتراب سن اليأس، و حافظي على وزن صحي من خلال خسارة الوزن في حال كنت تعانين من الوزن الزائد.
(2) تأثير الرياضة على سرطان الثدي
حيث أظهرت العديد من الدراسات أن النساء اللائي يمارسن نشاطاً بدنياً منتظماً لديهن خطر إصابة أقل بسرطان الثدي مقارنة بالنساء قليلات الحركة.
يُمكنك تقليل خطر الإصابة بنسبة 20-30% من خلال الحصول على 3 إلى 4 ساعات من التمارين الأسبوعية من النشاط المعتدل (مثل المشي السريع واليوغا) أو النشاط القوي (مثل الركض والتزلج الريفي أو رقص الأيروبكس) حيث أن التمارين الرياضية تقلل من خطر عودة سرطان الثدي إذا كنت قد اصبت به سابقاً.
تعمل التمارين المنتظمة بطرق عديدة؛ حيث تساعد في الحفاظ على وزن صحي للجسم بالإضافة الى أنها تؤثر على مستوى الهرمونات وتقلل تعرض أنسجة الثدي الى الأستروجين، ويمكن أن تؤثر على مستويات الإنسولين وعوامل النمو الشبيهة بالأنسولين (Insulin-like growth factors) والتي ارتبطت بنمو الخلايا السرطانية بالثدي.
إذاً ماذا يفترض أن تفعلي سيدتي؟
للحد من الإصابة بسرطان الثدي أوصت الجمعية الامريكية للسرطان بما يلي:
- ممارسة نشاط معتدل إلى قوي لمدة (45-60 دقيقة) في خمسة أيام على الأقل من الأسبوع (هذه الخطوة آتية من التوصية بممارسة 30 دقيقة من النشاط المعتدل معظم أيام الأسبوع للحد من مخاطر الأمراض المزمنة في مرحلة البلوغ).
- ممارسة التمارين الرياضية التي تضمن برامج المشي ولفات السباحة وتمارين اللياقة للقلب وفصول الأيروبكس، إضافة لممارسة الأعمال المنزلية أو أنشطة البستنة كنوع من التمارين الرياضية شرط أن تتنفس بقوة كما تفعل في أثناء المشي السريع أو الركض
(3) الكحول (Alcohol)
النساء اللواتي يستهلكن عدد قليل من المشروب في الأسبوع لديهن خطر متزايد للإصابة بسرطان الثدي ولم يُعرف السبب في ذلك حتى الآن !
حيث أن الكحول من الممكن أن يرفع مستويات هرمون الإستروجين الذي يلعب دوراً أساسياً في تطور خلايا السرطان؛ حيث من الممكن أن يتفاعل مع المواد المسرطنة أو تثبيط قدرة الجسم على التخلص من هذه المواد.
إذاً ما الذي يفترض أن تفعليه سيدتي؟
يجب أن تحد النساء المعرضات لخطر الإصابة بسرطان الثدي من تناول الكحول لكأس واحد في اليوم من المشروب؛ في حين أن النساء اللاتي عانين من سرطان الثدي مسبقاً أو معرضات لخطر متزايد للإصابة فعليهن تفادي الكحول تماماً
(4) تأثير فيتامين د على سرطان الثدي
كلما ارتفع مستوي فيتامين د في الدم، كلما انخفض خطر الإصابة بسرطان الثدي مقارنة بالنساء ذوات المستويات المنخفضة من فيتامين د، فعلى سبيل المثال وجدت إحدى الدراسات أن النساء اللواتي يحصلن على الكثير من فيتامين د في الحياة المبكرة من نظامهن الغذائي أو بقضاء وقت خارج المنزل؛ حيث يتسبب التعرض لأشعة الشمس في إنتاج فيتامين د في الجلد وبالتالي تقليل خطورة الإصابة.
وفي دراسة أخرى تم الربط بين مستوى فيتامين د المرتفع في الدم وبين انخفاض خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 50%.
والوصول إلى هذه المستويات المرتفعة من فيتامين د لتقليل الإصابة؛ فإنه يتطلب أكثر من الكمية الموصي بها بـ 400 وحدة دولية (International Unit) من فيتامين د يومياً للنساء اللائي يتراوحن أعمارهن من 50 لـ 70 عاماً.
إذاً ما الذي يفترض أن تفعليه سيدتي؟
لقد بدأ الخبراء بالفعل في التوصية بـ 800 الى 1000 وحدة دولية من فيتامين د يومياً للكبار ويرجع السبب في ذلك الى عدم حصولنا على القدر الكافي من الفيتامين من أشعة الشمس لتحمي عظامنا ولتقليل خطر الإصابة بالسرطان.
بالإضافة الى أن المصادر الغذائية الطبيعية من فيتامين د محدودة، و لا يمكن لأي شخص الحصول على كمية ضوء الشمس اللازمة لتحفيز الإنتاج الكافي من فيتامين د في الجلد!
فأفضل رهان سيدتي هو فيتامين د، فيمكنك تناول المكمل الغذائي (Multivitamin) الذي يحتوي على العديد من الفيتامينات للحصول على 400 وحدة دولية منه والحصول أيضاً على 400 وحدة دولية إضافية من المكمل فيتامين د.
(5) المخاطر الدوائية (Medication risks)
إن التعرض لهرمون الإستروجين مدى الحياة يشكل عامل خطورة للإصابة بسرطان الثدي، لذلك هناك بعض القلق بشأن استخدام المرأة لموانع الحمل الفموية (Oral contraceptives)، والعلاج بالهرمونات البديلة بعد انقطاع الطمث (Postmenopausal hormone therapy).
وفي دراسة أجريت في (Nurses’ Health Study) وجدت أن النساء اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل يزيد لديهن خطر الإصابة بسرطان الثدي بشكل طفيف لكنه ينخفض إلى المتوسط في غضون 10 سنوات من التوقف، أظهر تحليل نُشر في دورية مايو كلينيك (Mayo Clinic Proceedings) أن النساء اللواتي يستخدمن حبوب منع الحمل قبل انقطاع الطمث يزيد لديهن خطر الإصابة قبل سن الخمسين بشكل طفيف، خاصة إذا بدأن تناولهن قبل ولادة الطفل الأول.
وقد أظهرت تجربة مبادرة صحة المرأة (The Women’s Health Initiative) أن الإستخدام طويل الأمد للعلاج الهرموني المشترك (الاستروجين والبروجستين كما في بريمبرو Prempro) يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي بشكل طفيف، على الرغم من أن مستوى الخطر ينخفض بعد 5 سنوات من إيقاف الهرمونات.
ومع هذا فتناول عقاقير الإستروجين وحدها ليست السبب الوحيد في زيادة مخاطر الإصابة؛ حيث أظهرت الدراسات أن النساء اللواتي يتناولن دواء ثنائي ايثيل ستيلبوستيرول (Diethylstilbestrol) أو (DES) أثناء الحمل (لتقليل فرص الإجهاض) لديهم خطر أعلى للإصابة بسرطان الثدي!
ليس هذا فحسب بل إن بنات النساء اللواتي حصلن على (DES) (لم يعد هذا الدواء مستخدماً حالياً و تم منع استخدامه بسبب ارتباطه بأعراض جانبية خطيرة لدى بنات الأمهات اللواتي تناولنهن في الماضي و تأكيد ان البروجسترون هو الهرمون الذي يجب استخدامه لتثبيت الحمل و ليس الإستروجين كما كان يعتقد سابقا) يتعرضن لمخاطر متزايدة من الإصابة.
إذاً ما الذي يفترض أن تفعليه سيدتي؟
إن حبوب منع الحمل والعلاج الهرموني لديهم مخاطر وكذلك فوائد، ناقشيها مع الطبيب الخاص بك قبل اتخاذ القرار بأخذها ومدتها، واذا كنت تعرفين أن والدتك قد أخذت (DES) عندما كانت حاملاً بك أو حتى إذا أخذتيها بنفسك، دعي طبيبك يعرف ذلك حتى يمكنك مناقشة جدول الفحص.
(6) كثافة الثدي (Breast density)
يعتبر الثدي كثيفاً اذاً كان يحتوي على دهون أقل و أنسجة غدية ووعائية أكثر. هذه السمات أكثر شيوعاً في النساء صغيرات السن ولكنها قد توجد أيضاً لدي بعض النساء كبيرات السن خاصة اللائي يتناولن العلاج الهرموني المشترك (الإستروجين والبروجستين)، وقد تعد كثافة الثدي أيضا من ضمن السمات الوراثية.
ولأسباب غير مفهومة تماماً تزداد خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء ذوات الثدي الكثيف، حيث أن عامل كثافة الثدي يتفوق على عوامل العمر والطفرات الجينية في BRCA2 & BRCA1 في التسبب بالإصابة بسرطان الثدي.
واحد من ضمن الاحتمالات هو أن أنسجة الثدي الكثيفة تحتوي على المزيد من الخلايا وبالتالي فهي أكثر تأثراً بعوامل النمو والهرمونات التي تجعل الخلايا تنقسم؛ ومن الإحتمالات الأخرى هو صعوبة رؤية الورم أثناء تصوير الثدي بسبب كثافة أنسجته، مما يزيد من فرص اكتشاف المرض في مراحله المتأخرة و يقلل من فرص العلاج.
إذاً ما الذي يفترض أن تفعليه سيدتي؟
لسوء الحظ من الصعب التمييز بين أورام الثدي السرطانية (الخبيثة) أو الغير سرطانية (الحميدة) على الماموجرام بسبب كثافة النسيج الثديي؛ لأن الأورام والأنسجة الكثيفة تظهر بيضاء في حين الأنسجة الدهنية تظهر سوداء أو أكثر قتامة فقد يحدث تباين للأورام.
ولقد ثبت أن التصوير الشعاعي الرقمي للثدي يعمل على تحسين الكشف عن سرطان الثدي خاصة لدى النساء ذوات الثدي الكثيف ويمكن أن تساعد الموجات فوق الصوتية (Ultrasound) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (Magnetic Resonance Imaging) في الكشف أيضاً وعلى كلٍ لا يزال هناك الكثير لتعلّمه عن كثافة الثدي قبل أن يتم تقديم التوصيات الرسمية للحد من مخاطر سرطان الثدي.
- المصدر: 1 –
- مراجعة وتدقيق: Areej Abu Haniah
- مراجعة وتدقيق: Osama Mustafa