رغم التقدم العلمي الكبير والذي أنجزه البشر خلال القرنين الماضيين، إلا أن الالغاز التي يتحتم فكها عن كيفية بدء الحياة لا تزال كثيرة و بلا حصر، ولا تزال الاسئلة الحائرون بين إجاباتها أكبر بكثير من تلك الأسئلة التي اهتدينا إلى إجابتها فالفضول وحب المعرفة هما أكثر ما يُميز البشر.
نود أن نعرف أين نحن من المكان والزمان، من أين أتينا و كيف ومتي و إلي أين نحن ذاهبون؟ و ربما محاولة فك كل تلك الألغاز هي المتعه الأولي للحياة، و هي التي تجعل الانسان متمسكاً بوجوده، حريصاً علي سلامته و بقاءه إلي أقصي حد ممكن؛ و لكن من أين كانت البداية؟
يتفق غالبيه العلماء علي أن نشأة الارض قد بدأت منذ حوالي أربعه آلاف و ستمائة مليون سنة، بعدها عندما بلغ عمر الارض ألف مليون سنة، ظهرت أشكال الحياة البسيطة، ثم بدأ الانتشار لأشكال و أنواع لا حصر لها، و تعددت و تراكمت الكائنات من أبسطها والتي هي خلية واحدة و حتي الأشجار و الحيوانات الضخمة وصولاً إلي سيد الكائنات و أعقلها، والذي بني الحضارات و راكم الخبرات وأصبح له تاريخ مسجل.
إننا مأمورون بأن نسير في الارض لننظر كيف بدأ الخلق؟ من أين أتت مواد الحياة و كيف تكونت العناصر الأولية الأولي و كيف ارتبطت الجزيئات؟ وكيف تفاعلت معاً وتحولت إلي أحماض امينيه وبروتينات و التي هي لبنات الحياه و كيف صارت الجزيئات من حالها البسيط الي خلية حية مستقله وسط خضم هذا الكون الهائل، تعيش وتتكاثر وتتنفس وتدافع عن نفسها. وسط عمل دوؤب سار العلماء وتعددت المسالك واختلفت الآراء و الاتجاهات.
منهم من قال:
أن الجزيئات العضويه الحية خلقت من جزيئات غير عضوية موجوده في الغلاف الجوي للأرض، و منهم من قال: بل أتت من الفضاء الخارجي، و هناك من قال: بل صنعت من النافورات الساخنة في قاع المحيطات.
ما هي الحياة؟
لكن البحث عن شئ يستلزم أن نكون عارفين له، لنميزه، إذن ما هي الحياة؟ هنا وجد العلماء أنفسهم أمام لغز آخر، فالتعريف صعب، لكن هروباً من الموقف قالوا إن هناك ما يميز الكائن الحي عما هو غير حي، التكاثر مثلاً، فأي كائن حي ينجب كائنات مثله و ينمو، لكن هناك ما يتكاثر و ينمو و ليس كائنا حياً، النار مثلاً و البللورات.
إذن لنقل أن ما يميز الكائن الحي هو قدرته علي التمثيل الغذائي، أي هضم ما يناسبه من مواد غذائية و استخراج الطاقه اللازمة للحياه، ثم التطور، فالكائن الحي يتطور ولا يثبت علي حال واحد، ثم إن تعريف الحياة بهذا الشكل ليس من الأمور البسيطة، فكيف لنا إذن بمعرفه أصل الحياة، و هنا لم يكن أمام العلماء سوى وضع النظريات والبحث و الاختبار عما يؤيد أياً منها.
نظريات عن كيفية بدء الحياة
حالياً هناك نظريتان:
الأولى تقول أن الحياة نشأت من المواد و الظروف التي كانت موجودة علي كوكب الارض و الثانية تقول أن الحياة جاءت الي الأرض من خارجها، حيث وجدت بذور الحياة ظروفا مناسبة لتنمو و تزدهر. و أصحاب هذه النظرية حجتهم أن الاحماض الامينيه، وهي أساس الحياة، كانت موجودة عندما تشكلت الارض في بداية خلقها.
أما أصحاب النظرية الثانية، فحجتهم ما ثبت من وجود الأحماض الأمينيm في النيازك المنتشره في الفضاء والتي تسقط علي الارض ليلاً و نهاراً، و ربما يكون منشأ الحياة كان في المذنبات التي سقطت علي الارض قديماً.
كل ذلك يجرنا الي ما قبل نشأة الحياة على كوكب الارض، ولا نجد أمامنا سوي نظرية الانفجار العظيم و هي النظرية التي لا تزال معتمدة لدى العلماء، حيث تفترض النظرية أن خلق الكون بدأ بإنفجار هائل من نقطة لانهائية الكثافة و منها خرجت الي الوجود المجرات، النجوم، والكواكب و كل ما نراه و ما لا نراه من الموجودات.
الموضوع لم ينتهِ بعد! لأن الأسئلة المتعلقة بـ كيفية بدء الحياة لا نهائية!
- المصدر: كتاب التأملات العلميه ل د/ اسامه ابو حليمه.