قرأت العديد من الكتب والمراجع في مجال علم الفلك ولاحظت مصطلح نقطة التفرد ؛ ولكنني لم أفهم معناه بالضبط! من خلال هذا المقال سنحاول التعرف على مفهوم نقطة التفرد « Singularity » من منظور علم الفيزياء الفلكية بشكل مختصر ودون الدخول في تفاصيل علمية مُعقدة.
ما هي نقطة التفرد ؟!
وفقاً لعلم الفيزياء فإن نقطة التفرد الثقالي « Gravitational Singularity » هي نقطة ذات بُعد واحد تتواجد في مركز الثقب الأسود « Black hole » تتميز بكثافتها وجاذبيتها اللامتناهية.
من مفهومنا لتعريف الكثافة الذي درسناه في السنوات الماضية فهي (الكتلة مقسومة على الحجم) لذا فنتيجة انضغاط كتلة هائلة في حجم متناهي الصغر سوف تكون النتيجة كثافة لا مُتناهية. وإذا عدنا للوراء لمليارات السنين وتحديداً إلى لحظة الانفجار الكبير « Bing Bang » فإن كل من الكثافة ودرجة الحرارة كانت لا نهائية ؛ فهذه أيضاً يُمكن وصفها بأنها نقطة تفرد.
اقرأ أيضاً:

الثقب الأسود والزمكان
تُسبب هذه النقطة انحناء لا نهائي للزمكان « Space-Time »؛ يصفها الفيزيائي الأمريكي البارز كيب ثورن « Kip Thorne » “بأنها المكان الذي تنهار عنده جميع قوانين الفيزياء التي نعرفها!”
تُشير النظريات الحالية إلى أنه عندما يقتحم جسم ما مجال الثقب الأسود، فإنه سوف يتمدد مثل المكرونة الإسباجيتي في ظاهرة تُعرف بـ « Spaghettification » بسبب الفارق في تأثير الجاذبية على الأجزاء المختلفة من مكوناته، وذلك قبل أن يفقد أبعاده تماماً ليختفي بعدها بلا رجعة.
مراقبة هذا الحدث من مسافة آمنة تُظهر لنا رؤية مختلفة لهذا الأمر؛ وفقاً للنظرية النسبية فسوف تُلاحظ تحرّك هذا الجسم بشكل أبطئ كلما اقترب من الثقب الأسود حتى يصل إلى منطقة أفق الحدث « Event Horizon » فهو لا يسقط بالمعنى الحرفي!
وفقاً لفرضية الرقابة الكونية « Cosmic Censorship » فإن نقطة التفرد للثقب الأسود تبقى مُستترة خلف أفق الحدث وهي المنطقة المُحيطة به والتي لا يستطيع الضوء الإفلات منها بمجرد الدخول إليها؛ ولهذا لا يُمكن رصد هذه النقطة! الاستثناء الوحيد لهذه الفرضية كان في اللحظات الأولى للإنفجار الكبير فيما يُعرف بنقطة التفرد العارية « Naked Singularity ».
بحكم طبيعة هذه المنطقة المحظورة فإن العلماء لن يستطيعوا توصيفها بشكل كامل؛ حتى في حالة إرسال إشارات إلى الثقب الأسود فلا يُمكن التواصل من داخل هذه المنطقة مع العالم الخارجي لذا فأسرارها ستبقى دائماً طي الكتمان إلى الأبد!